معالم عربية ... "أبو تلميت" مدينة النوابغ المهملة
المختار السالم
أبناؤها خطوا أهم سطور التاريخ الموريتاني الحديث
معالم عربية ... "أبو تلميت" مدينة النوابغ المهملة
قبل قرون كانت مدينة “أبو تلميت” مجرد بئر وحرث في وسط الصحراء الموريتانية، وربما لم يكن يخطر على بال من يمر بتلك البقعة أنها ستتصدر في وقت لاحق واجهة البلد علمياً وسياسياً، بل يخط أبناؤها أهم سطور التاريخ الموريتاني الحديث.
كلمة “أبو تلميت” مركبة من مقطعين: “أبو” (العربية) و”تلميت” (الصنهاجية) وتعني نبتة منتشرة في المنطقة.
سنة 1860 بنى العلامة الموريتاني الشهير الشيخ سيديا الكبير داراً قرب البئر، لتنطلق بذلك رحلة بناء المدينة ويكتب فصل جديد في تاريخها، وفي وقت لاحق ولتضافر الظروف، بدأت المدينة تتسع وتصبح المكان اللائق للكثير من الطامحين علمياً وسياسياً وشعرياً واجتماعياً . ثم لتتحول اليوم إلى مدينة “أبو تلميت” الأثرية بكل ما تحمله من رمزية.
تقع مدينة “أبو تلميت” في قلب الجنوب الموريتاني على بعد 165 كلم شرق العاصمة نواكشوط بين الكثبان الرملية الشاهقة، وتضم آلاف السكان المنتمين إلى عدة قبائل وأوساط اجتماعية متنوعة.
يستغرق السفر إلى “أبو تلميت” من العاصمة نواكشوط نحو ساعتين بالسيارة، والمدينة التي تقع في قلب “حرارة الجو” تمتد على كثيبين وسهل واسع، وتعد إدارياً مقاطعة تتمتع بسلطات محلية، وقد بدأت المدينة تستنشق الحداثة العمرانية بحياء، في ما لا تزال المدينة الأثرية خرائب وأطلالاً قليلة وإن كانت تخفي تاريخاً طويلاً ومفصلياً ليس في حياة سكان المدينة فحسب بل في حياة البلد بكامله.
بعد أن استقر بها الشيخ سيديا الكبير أصبحت “أبو تلميت” الوجهة العلمية الأولى في موريتانيا وخاصة في الجنوب الموريتاني (ولاية الترارزة) التي تعتبر الدماغ الثقافي لموريتانيا.